كتب: حسن العتماني
كتير جدا من الأعمال الدرامية بتتناول الصعيد والصعايدة، ودا لما يمثله الصعيد من بيئة درامية خصبة
وجو عام فيه خصوصية على أكتر من مستوى
ودايما الأعمال دي بتلاقي صدى واسع من المشاهدة والتفاعل، لكن للأسف الأعمال دي بتحصر واقع الصعايدة في شوية أنماط محددة بيتم إعادة تدويرها هيا هيا، بعضها بيكون موجود في الصعيد -حتى لو بدرجة أبسط من المعروض- لكن الأعمال دي مبتحاولش تعمل معالجة فنية تخدم المجتمع الصعيدي تجاه المشكلات دي ولكن بتقوم بعرضها فقط، وفيه قاعدة مغلوطة بتتقال على لسان كتير من الفنانين وغيرهم وهي إن الفن بينقل الواقع، طبعا دا اجتزاء مخل لدور الفن، الفن بينقل مع عمل تناول فني غرضه الفك والتركيب في بنية الواقع عشان كل مجتمع وكل إنسان يكتشف ذاته ويرتقي بيها وهو دا دور الفن الحقيقي
على هامش السيناريوهات المعروفة بنلاقي إن دايما القرية ليها كبير واحد تقريبا و غالبا بيكون تاجر سلاح أو تاجر مخدرات وهو بس اللي بيمتلك قدر من الذكاء والخبرة وباقي أهل القرية مبيفهموش أي حاجة خالص وهو اللي بيسوقهم، ولما بيكون في مقابل للكبير دا بيكون برضو فرد واحد بس
ودايما الشاب الصعيدي ساذج أو محدود مع إن الشباب الصعيدي عادي معاه لابتوب أو بيدخل فيس وواتس وغيرهم وفاهم تكنولوجيا كويس وبيروح وييجي وبيكتسب خبرات كتيرة وليهم مكان في كل المجالات بلا استثناء، وبيلبسوا قمصان وبناطيل عادي وتي شرتات وبِدَل وكل أنواع الملابس عادي بل إن الغالب على الصعايدة حاليا من الشباب والأكبر من الشباب كمان هو اللبس المصري الشائع
كمان دايما بيتم عرض لهجة بعيدة جدا عن لهجة الصعايدة ومليانة بالمبالغات، برضو بتكون اللهجة دي قديمة جدا وموجود بعضها -مع المبالغة- في بعض القرى القليلة ومش موجودة في غيرها ولا في المراكز ولا المدن اللي بتمثل أكبر شريحة من الصعيد الجواني نفسه، لدرجة إن احنا الصعايدة نفسنا بنستغرب اللهجة دي مش لإننا منعرفش معنى اللي بيتقال ولكن لإننا مش شايفين إن دي لهجتنا، لكنها لهجة تراثية ومليانة بالمبالغة وأخطاء التون الصوتي والنطق، بل إننا أوقات بنضحك زي غيرنا عليها
احنا نفسنا مبنستخدمش اللهجة التراثية دي إلا على سبيل الهزار في مواقف محدودة بالأخص على السوشيال
وبنبقى فاهمين إن يومنا العادي يكاد يخلو منها، العالم كله بقى قرية صغيرة ودا ليه دور كبير في تقليص المساحات في كل شيء
ودا لا ينفي إن في لهجة صعيدية موجودة الناس بتتعامل بيها هيا لكن مش هيا خالص اللي بنشوفها
حتى لما بيتجاب مصحح لهجة صعيدي بتبقى النتيجة هيا هيا، بل أذكر إني في مرة قلت بطريقة لطيفة لمصحح لهجة أحد المسلسلات المشهورة إننا مبسوطين إنه بيراجع ولكن احنا عاوزين لهجتنا احنا، الحقيقة مش فاكر رده عليا لكن في المجمل كان استقباله لكلامي لطيف لكنه بعيد عن اللي قلته تماما
طبعا لا أُحَمِّل مسؤولية دا للراجل دا، الموضوع في النهاية أكبر منه وبيمثل توجه عام وخط ممنوع الحيود عنه
وطبعا معروف إن دا هدفه هو إن اللهجة دي بتجيب تفاعل كبير وبتمثل عامل جذب لاخواتنا في وجه بحري
وكدا بنكون بعدنا عن الفن ودخلنا في الأهداف التجارية البحتة
الطرح العام الأعمال الدرامية بيتفهم من خلاله إن الصعيد دا مجتمع ميعرفش إلا حوادث بعينها فمفيش أعمال بتناقش أجزاء كتير وكبيرة من واقع الصعيد ومشكلاته وجوه وبيئته
ولولا الإطالة كنت عرضت هنا أكتر من خمسين سيناريو وموضوع لواقع موجود بقوة وغير من منقول أو مُشار إليه، مع إنك ممكن تناقش حاجة حقيقية عن أي بيئة وبرضو تكون جاذبة، بس بأدوات فنية حقيقية
باتمنى في المستقبل يتغير التوجه دا ونشوف أعمال تعبر عن الصعيد فعلا وتساعد أهله على كل المستويات