في صباح يوم 23 يناير 1979 كان أحد خبراء البعثة الأثرية الإنجليزية، واسمه “كلاوس”، يتفقد إحدى المناطق النائية خلف مقابر وادي الملوك في غرب الأقصر، تمهيدا لبدء العمل في الحفر بها بحثا عن الآثار، وكان معه عدد من زملائه وبعض العمال المصريين، حين اكتشفوا في أحد سراديب المنطقة على هيكل عظمي لسيدة ترتدي كامل ملابسها وبجوارها حقيبة من القماش، وأيضا هيكل عظمي لذئب.
على الفور أبلغوا شرطة السياحة والآثار، التي اكتشفت أن الهيكل العظمي هو للسائحة الكندية “كارول أنيتا هارولد” التي اختفت تماما يوم 20 ديسمبر 1976، أثناء زيارتها إلى مدينة الأقصر، ولم يعثر لها على أي أثر.
بعد فحص الهيكل العظمي تبين أن السيدة ماتت جوعا وعطشا ولا توجد أية شبهة جنائية، كما أن الذئب، الذي وجدوا عظامه بجوارها، لم يمسها، والأرجح أنه شم رائحة جثتها بعد وفاتها ونزل إلى الحفرة، لكنه لم يستطع الخروج منها، فمات هو الآخر من الجوع والعطش.
بتفتيش الحقيبة القماش وجدوا ثلاث شيكات سياحية كتبت السائحة على أولها استغاثة، والثاني رسالة إلى والديها، وأما الثالث فكتبت وصيتها، بعد أن تأكدت أنها على مشارف الموت.
في يوم 17 ديسمبر 1976 وصلت السائحة التي تبلغ من العمر 35 عاما، إلى مدينة الأقصر قادمة من القاهرة لقضاء عدة أيام لزيارة العالم الأثرية في المدينة.
وفي اليوم الثالث من زيارتها، غادرت الفندق الذي كانت تقيم فيه متجهة إلى البر الغربي من الأقصر لزيارة وادي الملوك، ولكن لم يظهر لها أثر بعد ذلك على الإطلاق.
بعد يومين من اختفائها تقدمت السفارة الكندية في القاهرة ببلاغ إلى شرطة السياحة والآثار يفيد باختفاء مواطنة كندية في الأقصر، وكذلك طلبا من الإنتربول الدولي بناءا على طلب من والدي الفتاة.
بمتابعة تحركات السائحة تبين أنها غادرت القاهرة في فجر يوم 17 ديسمبر إلى الأقصر، وقضت ثلاثة أيام في الفندق، ثم غادرته يوم 20 لزيارة غرب الأقصر ولم تعد إلى الفندق، حيث كانت أمتعتها كلها في غرفتها، ولا إلى القاهرة، ولم يسجل أي منفذ بري أو بحري أو جوي خروجها من مصر، وأجرت الأجهزة الأمنية بحثا شاملا في كل الأقصر، وأرسل الإنتربول نشرة إلى كل دول العالم بأوصافها، ولكن لم يسفر ذلك عن أي شيء.
بحسب أقوال والدتها إن ابنتها كانت تهوى الآثار بشكل عام، والآثار المصرية بشكل خاص، وأنها تهوى ارتياد المناطق السياحية والسراديب المهجورة والمقابر بمفردها.
في الاستغاثة كتبت: “وداعا يا أقصر، حيث بك آثار عظيمة وقيّمة، لقد سقطتُ في حفرة عميقة على إثر اصطدامي بحجر، وآمل أن يصل أحد المصريين الطيبين إلى هذا المكان ويعثر علىّ وينقذني، ربما لأنني سأموت عطشا في هذا المكان”.
وفي الرسالة إلى والديها كتبت تقول: “لا تحزنا علىّ فلقد صارعتُ الموت ولكن دون أمل بعد أن عشتُ أربعة أيام على قشور الموز والبرتقال”.
وأما وصيتها فكانت: “أتمنى من الذين سوف يعثرون على جثتي أن يتبرعوا بالمال الذي معي للفقراء”، وبالنسبة إلى ما تملكه من مال في كندا فقد أوصت والديها بأن يعطوه لإحدى صديقاتها المقربات، والتي طلبتْ منها أن تذهب إلى الكنيسة وتصلي من أجلها.
وبناءا على طلب والدها ووالدتها تم حرق العظام ونشرها في أجواء/ سماء الأقصر.