ترتيبات القدر عمرها ما كانت صدفة، حاجات كتير بنرتبلها وبنمشي على نفس خطة الوصول لكن تحصل حاجة تغير كل الترتيبات ونلاقي نتيجة مختلفة تماما، وممكن نعتبر دا عادي وبيحصل لكن إن الموضوع يكون رسمي بأمر ملكي وفي خطة محكمة لتنفيذه وفجأة كل دا يتشقلب حاله دا اللي غريب.
المؤرخ المعروف ابن بطوطة بيحكي قصة من أغرب القصص عن منبر كان المفروض يبقى في الحرم المكي في مكة المكرمة، لكن انتهى بيه المطاف كمنبر في أحد مساجد منفلوط في أسيوط بطريقة قدرية يتعجب لها العجب.
في البداية خلينا نقولك إن منفلوط بالأساس مدينة على الجانب الغربي من نهر النيل وكانت في العصر الإسلامي في مصر، إحدى محطات الحج لمكة المكرمة والمدينة المنورة، فكان وقتها في طريق للحج من خلال النيل من القاهرة إلى عيذاب ثم الوصول عن طريق البحر الأحمر، ودا كان وقت دولة المماليك وكان بيتم إعداد كسوة الكعبة في منفلوط من الحرير الخالص وكانوا يتجمعون الحجاج في منفلوط ودا اللي أكده ابن جبير وابن بطوطة، وقالوا كمان إن الحجاج كانوا يتوقفوا في منفلوط تحديدا عشان بيلاقوا فيها كل اللي محتاجينه.
وفي مرة، حسب الحكاية اللي بيحكيهالنا ابن بطوطة، أمر الناصر محمد قلاوون بعمل منبر وإرساله إلى المسجد الحرام بمكة المكرمة، وبالفعل اتعمل المنبر، وبعد ما البحارة جم يتحركوا بالمركب اللي عليها المنبر للوصول للسعودية جت المركب وقفت فجأة وقريبة تحديدًا من جامع الأمير جانوم اللي كان أمير الحج في الوقت دا، وحاولوا بكل الطرق تتحرك وتكمل المسيرة لكن المركب وقفت محلك سر وحلفت ماهي طالعة، فالبحارة بلغوا بالفعل الناصر، واللي بدوره أهدى المسجد المنبر واستقر فيه للأبد، وذكر ابن بطوطة في كتابه: إنه زار هذا المسجد وعاين المنبر المذكور وابدى اعجابه بصنعه.
وعن منفلوط بشكل عام، فهي مدينة قال عنها علي باشا مبارك إن الاسم الأصلي لها “منبالوط” وهي كلمة قبطية معناها “محط القرابى” أي “الحمر الوحشية” لكن الديانة المصرية القديمة مكنتش تعرف الحمار الوحشي كحيوان مقدس، كمان المنطقة اللي فيها منفلوط كانت بتقدس في العصور الفرعونية حيوانات تانية منها “البقرة حتحور” والتمساح النيلي وحاول كتير من الرحالة اعطاء تفسيرات تانية لكلمة منفلوط غير أنهم فشلوا في التوصل إلى معنى محدد لأصل الاسم.
ويقول جيمس بروس إن منفلوط قرية فرعونية دمرها الرومان وأعاد العرب بناءها وتحولت خلال العصر الاسلامي من مجرد قرية لمدينة ليها اهمية كبيرة في صعيد مصر.
ومن جوامع منفلوط، جامع الأمير مصطفى أوده باشا 1148-1735 اللي بيتميز بأعمدته الخشبية الثمينة ومئذنة من طراز تتميز به العمارة الإسلامية في الريف المصري، وخلف المسجد جبانة أثرية فيها بعض كتابات عثمانية، ومن المساجد المشهورة كذلك المسجد الصغير المنسوب إلى الأمير علي كاشف جمال الدين ويتميز باستخدامه أعمدة من الخشب.