كان لي وسادة
وثيرةٌ، خفيضة
أضع رأسي فيها
فتغوصُ هادئةً
كأنها تتدلى في قاع بئرٍ عذبة
وكان لأبي وسادة مضغوطة
يابسةٌ مرتفعة
لا يرتاح في النوم إلا لها..
في أيام مرضه شكا من ألمِ الرأس
وضعت له أمي وسادتي الوثيرة
فارتاح لها..
ونمتُ أنا للمرة الأولى
على وسادته اليابسة المرتفعة
تأرقتُ الليلةَ الأولى
لكنني نمت آخر الأمر
وسادتُه لا أحلام فيها
فقط قلقٌ علينا وتباريحُ ومخاوف
وسادتي كانت بالأحلامِ محشوةً
أبي ارتاح لها..
وأعطاني وسادته الملأىٰ بالقلق عليّ وعلى أخواتي ومضى
تبينت أن وسادته كانت مرتفعة لتجعله قليل النوم، سريع النهوض..
لأبٍ مثله، أن يكون قليل النوم سريع النهوض..
عندما نقلناه للمشفى
قالوا لنا نام نومته الجميلة
نومته الهادئة التي بلا ألم
بحثت عن وسادتي أسفل رأسه فلم أجدها..
علمتُ بعدها أنه أخذَها وطيّرَها
طيّرها حيث طارت روحه
ولم تعد أبدا..
لقد أورثني وسادته، اليابسة المرتفعة
لأحيا بعده:
سريع النهوض، قليل النوم، مملوءا بالتباريح والقلق والمخاوف!