سلام نفسي عظيم هتحس بيه بمجرد دخول منطقة الأشجار اللي بتظلل على مقام الزاهد الصوفي إبراهيم ابن أدهم المُلقب بـ”أمير الزاهدين” وولده السلطان محمود، في قرية الرئيسية بنجع حمادي شمال قنا في الصعيد.
الأشجار عمرها أزيد من 300 سنة، وهي أشجار جميز مشهورة في البلد، حاجة كدة معتقة وفيها ريحة وروح العصور المختلفة اللي مرت على البلد، بيحبها الغريب قبل القريب، أطفال وشباب ومسنين وكل الأعمار بيحبوا ييجوا عند المقام ويقعدوا عند الشجر عشان بس يستمتعوا بالنسيم الجميل والهوا اللي يرد الروح للمكتئب والعليل، هتلاقي أطفال بتلعب وأشخاص قاعدة سرحانة بتتأمل في الجو الجميل، والنفس الصافية دايما هي عنوان المكان.
هنلاقي كمان شجرة معروفة بإنها شجرة الأب الزاهد الصوفي إبراهيم ابن أدهم صاحب المقام، وشجرة تانية للابن محمود السلطان، لكن الغريب إن المقام الموجود ملوش علاقة بمكان دفن الإمام، يعني هو أصلا مش مدفون في المكان دا ولا له أي علاقة بيه، أومال إيه الحكاية؟
القصص المتداولة بتقول إن الزاهد بن أدهم ساب المتاع والسلطان لله وكان كثير التفكير والصمت، وبعيد كل البعد عن حب الدنيا وما فيها من شهرة وجاه ومال، حريص على الجهاد في سبيل الله، وكان برغم زهده حريص على الدعوة للعمل وإتقانه عشان المكسب الحلال، ولذلك مفكرش في ثروة أبوه اللي كانت كبيرة، ولا أي شيء من غنائم الحرب، وفضل إنه يعيش من عرق جبينه وراح يجاهد ويقاتل.
لما بحثنا كمان لقينا إنه مكانش عايش في مصر كان أفغانستاني، ومسقط رأسه في مكة، لكنه قرر بعد التصوف يتجه للشام، لحد ما استشهد على الساحل السوري في منطقة جبلة السورية، قصة تصوفه جت عن طريق إنه كان في رحلة صيد وراكب على فرس ولابس ملابس غنية، فجاله هاتف “والله! ما لهذا خلقت!، ولا بهذا أمرت!”.
اتكرر معاه الهاجس ده كتير، لحد ما نزل من على الفرس وقابل راعي فبدل هدومه معاه وساب له الفرس ومن وقتها تصوف وبقى زاهد في الدنيا، وأغلب أكله كان العيش والزيتون، ومبقاش يشتاق لحياة الترف خالص، وبعدها نشأت علاقة صداقة مع سفيان الثوري، والفضيل بن عياض عشان تبدأ قصة حياته اللي بطلها بقى الصمت والتأمل والزهد في العيش، وبعد كدا حصاد في البساتين وعشق الزراعة والجهاد في سبيل لله، وعارض ارتفاع الأسعار، ومن أبرز أقواله: “ما قاسيت، فيما تركت، شيئاً أشد علي من مفارقة الأوطان”.
يوم السبت تحديدًا، لو قررت تزور المقام في قرية الرئيسية، هتلاقي أطباق العدس للزائرين اللي جايين يبتهلوا ولأبناء الطرق الصوفية اللي بييجوا يقدموا التحية لروح الزاهد بن أدهم اللي ساب كل متاع الدنيا وبقى “أمير الزاهدين”، الناس هناك بتتكلم عنه بمنتهى الحب، ولما هتروح هياخدوك لشجرة الجميزة بعد ما تقدم التحية للإمام.
الروايات بتقول إن إبراهيم بن أدهم مات في سنة 162هـ، وبيتقال برضو إنه استشد اثناء محاربته للبيزنطيين، واتحول قبره الحقيقي في سوريا لمزار، واتبنى مسجد مكان وفاته أطلق عليه اسم جامع السلطان إبراهيم.