في رحالة شهير اسمه ابن جبير، واسمه الكامل أبو الحسن محمد بن أحمد بن جبير الكناني لكنه اتعرف باسم ابن جبير الأندلسي، اتولد في بلنسية سنة 540 هـ، 1145م، كان جغرافي، ورحالة، وكاتب وشاعر أندلسي عربي.
ابن جبير في رحلاته جه مصر وسجل اللي شافه فيها في كتاب اسمه “رحلة ابن جبير”، وذكر فيه الصعيد الجواني ومدنه واتكلم عن أسيوط وتحديدا منفلوط وقال: “من المواضع التي اجتزنا عليها في الصعيد بعد جبل المقلة الذي ذكرنا أنه نصف الطريق من مصر قوص، حسبما تقدم ذكره، موضع يعرف بمنفلوط بمقربة من الشط الغربى ميامنًا للصاعد في النيل، فيه الأسواق وسائر ما تحتاج إليه من المرافق، وهي بلدة في نهاية من الطيب ليس في الصعيد مثلها، وقمحها بجلب مصر لطيبه ورزانة حبته، قد اشتهر عندهم بذلك، فالتجار يصعدون في المراكب لاستجلابه”.
وقال عن مدينة أسيوط، إنها من أشهر مدن الصعيد، “بينها وبين الشط الغربي من النيل مقدار ثلاثة أميال، وهي جميلة المنظر، حولها بساتين النخل، وسورها سور عتيق”.
واتكلم أبي تيج، وقال إنها “بلد فيه الأسواق وسائر مرافق المدن، وهو في الشط الغربي من النيل، ومنها مدينة أخميم، وهي أيضاَ من مدن الصعيد الشهيرة المذكورة بشرقي النيل وبشطه، قديمة الاختطاط عتيقة الوضع، فيها مسجد ذي النون المصري، ومسجد داود أحد الصالحين المشتهرين بالخير والزهادة، وهما مسجدان موسومان بالبركة، دخلنا إليها متبركين بالصلاة فيهما، وذلك يوم السبت التاسع عشر لمحرم المذكور”.
واتكلم عن آثار ومصانع المدينة من بنيان القبط وكنائس معمورة الآن بالمعاهدين من نصارى القبط، وكمل “ومن أعظم الهياكل المتحدث بغرائبها في الدنيا هيكل عظيم في شرقي المدينة المذكورة وتحت سورها، طوله مئتا ذراع وعشرون ذراعاً، وستعه مئة وستون ذراعاً، يعرف عند أهل هذه الجهة بالبربا وكذلك يعرف كل هيكل عندهم وكل مصنع قديم”.
وبيكمل وصف تفصيلي لأسيوط واللي فيها: “قد قام هذا الهيكل العظيم على أربعين سارية، حاشا حيطانه، دور كل سارية منها خمسون شبراً، وبين كل سارية وسارية ثلاثون شبراً، ورؤوسها في نهاية من العظم والإتقان قد نحتت نحتاً غريباً فجاءت مركنة بديعة الشكل كأن الخراطين تناولوها، وهي كلها مرقشة بأنواع الأصبغة اللازوردية وسواها، والسواري كلها منقوشة من أسفلها أعلاها، وقد انتصب على رأس كل سارية منها رأس صاحبتها التى تليها لوح عظيم من الحجر المنحوت، من أعظمها ما كلنا فيه ستة وخمسين شبراً طولاً وعشرة أشبار عرضاً وثمانية أشبار ارتفاعاً وسقف هذا الهيكل كله من ألواح الحجارة المنتظمة ببديع الإلصاق، فجاءت كأنها فرش واحد، وقد انتظمت جميعه التصاوير البديعة والأصبغة الغريبة، حتى يخيل للناظر فيها أنها سقف من الخشب المنقوش”.
وزار ابن جبير القاهرة كمان وراح مسجد الحسين ومسجد الشافعي والقرافة والمدرسة الناصرية وقابل شيوخ وعلماء واتكلم عن صلاح الدين وعن بعض الرجال اللي أسسوا الدولة الأيوبية، وشاف قلعة الجبل ومكنش اكتمل بنائها لسه، وعاين سور القاهرة والخندف والقناطر اللي بناها صلاح الدين، وزار أهرام الجيزة الثلاثة ووصفها، وكتب عن مارستان أحمد بن طولون ومصر القديمة وإزاي اتحول جامع بن طولون لمأوى للغرباء اللي جايين من المغرب عشان يدرسوا ويسكنوا فيه وبعدين كمل سفره للصعيد الجواني وشاف المدن اللي على النيل.