انهارده هنتكلم عن أول شهيد من كبار الضباط المصريين فى حرب 6 أكتوبر 1973، وهو اللواء شفيق مترى سدراك اللى استشهد فى اليوم الرابع للحرب، اللى كان موافق وقتها 10 أكتوبر، وكان وقتها بيقود أحد ألوية المشاة المدرعة التابعة للفرقة 16 بالقطاع الأوسط فى سيناء، وكان وقت استشهاده بيتقدم قواته بمسافة كيلو متر كامل فى عمق سيناء.
وبطلنا شفيق مترى سدراك اتولد سنة 1921 بقرية المطيعة بمحافظة أسيوط واتنقل والده لمحافظة البحيرة واستقر هناك بقرية يوسف حنا بمركز شبراخيت وكان شغال مدرس، وبعد ما كمل سدراك دراسته الثانوية اتقدم لكلية التجارة وسابها في الفرقة الثانية واتنقل للكلية الحربية عشان كان نفسه يدخل الجيش واتخرج من الكلية الحربية سنة 1948 والتحق بسلاح المشاة برتبة ملازم ثان وخدم في البداية في السودان، وكان من أوائل من حصلوا على شهادة أركان حرب وهو برتبة رائد وكان أصغر الخريجين سنا وحصل علي شهادة أكاديمية ناصر العليا بتفوق، وكان معروف عنه أنه بيجيد القتال بالدبابات في الصحراء وكان دايما بيتقدم قواته عشان يرفع روحهم المعنوية، وشارك سدراك في حرب السويس وقت العدوان الثلاثي على مصر عام 1956 وشارك برضه في حرب الخامس من يونيو عام 1967، وكان بطل فذ في أحد معاركها وهي معركة موقع أبو عجيلة واللى كانت من أهم المعارك في الحرب دي واللي خسرها للأسف الجيش المصرى علي الرغم من قتال الضباط وبطولاتهم الفذة وعلى رأسهم العميد سدراك، عشان كدا الرئيس الراحل جمال عبد الناصر رقاه استثنائيا تكريما له، وكمان بسبب نبوغه وتفوقه تم تعيينه ضمن هيئة التدريس بالكلية الحربية وكان بيدرس مادة التكتيك وفن القتال خاصة للطلبة الوافدين باللغة الإنجليزية.
وبعد 67 شارك بطلنا في حرب الإستنزاف وكان بيعبر برجاله إلى سيناء من بورسعيد والدفرسوار وجنوب البلاح والفردان ليقاتل العدو في معارك الكمائن عشان يضرب أروع الأمثلة في الشجاعة والبطولة والجسارة.
وفي يوم 6 أكتوبر 1973 عبر البطل شفيق متري سدراك لشرق القناة مع أول موجة للعبور قائدا للواء الثالث المشاة الميكانيكي التابع للفرقة 16 مشاة من الجيش الثاني الميداني واللي كان بيقودها وقتها العميد عبد رب النبي حافظ وكانت كلماته إلى أفراد وضباط لوائه: “إن أبناء مصر من عهد مينا إلى الآن ينظرون إليكم بقلوب مؤمنة وأمل باسم وقد آن الأوان أن ترفرف أعلام مصر على أرض سيناء الحبيبة، وأنا أعدكم أن كل علم سوف يرفع فوق إحدى مواقع القوات الإسرائيلية في سيناء سيكون موضع إعزاز وتقدير من أبناء مصر وقادتها وكل من ساهم في رفع هذه الأعلام، وختاما أذكركم بقوله تعالى( وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا الْمُرْسَلِينَ إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنصُورُونَ وَإِنَّ جُندَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ) صدق الله العظيم”.
واختار القائد المسيحي إنه يكلم جنوده بآيات من القرآن الكريم وده بيأكد على فكرة النسيج الواحد للأمة والعساكر اللى اختلط دم المسيحي فيهم مع المسلم.
وفي يوم 8 أكتوبر بدأ العدو الإسرائيلي يشن هجوم مضاد على فرق المشاة اللي عبرت القناة قبل يومين وأنشأت رؤوس كبارى شرقي القناة، كان منها الهجوم المضاد اللى قام به لواء مدرع إسرائيلي على الفرقة 16 مشاة اللي تمكنت من صده وأرغمته على التخلص من المعركة والإنسحاب لعمق سيناء وفي اليوم التالي 9 أكتوبر بداية من الساعة 6 ونص الصبح شن العدو الإسرائيلي هجوم مضاد تاني على الفرقة 16 مشاة وركز علي اللواء الثالث المشاة الميكانيكي وهو لواء منتصف الفرقة واللى كان بيقوده العميد شفيق مترى سدراك ووجه نحوه كتيبتين مدرعتين عشان يختراق رأس كوبرى الفرقة ويحدث خلل في النظام الدفاعي في القطاع الشمالي للجبهة، ورغم صد الهجوم وتكبيد العدو خسائر جسيمة وتدمير عدد كبير من دباباته القائمة بالهجوم لكن العدو كرر محاولاته اللي بلغت 4 محاولات خلال 4 ساعات بس.
أصدر العميد شفيق مترى سدراك أوامره وقتها لقائد كتيبة مقدمة اللواء بتطوير الهجوم شرقا ليتماشى وضع اللواء مع النسق العام لأولوية الفرقة وتوغل هو ورجاله لعمق بلغ مداه ما يقرب من 14 كيلو مترا في أرض سيناء يقتلوا ويأسروا جنود العدو وكان بيتقدمهم سدراك بمسافة كيلو متر وفجأة أصابت سيارته دانة مدفع إسرائيلي قبل وصوله لمنطقة الممرات لترتقى روح الشهيد المسيحي الصايم وقتها مع جنوده لملاقاة ربه برفقة 5 أبطال آخرين كانوا معاه في المركبة.
وبقى سدراك أول شهيد من الضباط حسب إشارات التبليغ من الوحدات الفرعية ويوميات القتال وكمان هو أول بطل يكرمه رئيس الجمهورية الراحل أنور السادات في الجلسة التاريخية لمجلس الشعب صباح يوم 19 فبراير 1974 وتم منحه وسام نجمة سيناء من الطبقة الأولى تقديرا لبطولاته وهو أعلى وسام عسكري مصري كمان تم إطلاق اسمه على الدفعة 75 حربية تخليدا لاسمه.