حكايات كتير بنسمعها عن سيدات الصعيد، والمعروف عنهم الجرأة والقوة والشجاعة، ودايمًا ليهم علامات تاريخية بارزة بيذكرهم بيها التاريخ على مدار العصور، ومن ابرز السيدات دي، سفينة دوس عبيد، الصعيدية اللي أسست أول مدرسة للبنات في قنا.
“سفينة” اتربت في عائلة من أغنى عائلات الصعيد، فأمها من عائلة “الجوهرى” أقدم أغنياء في أسيوط واعرقهم في الحسب والنسب، وجدها والد أمها كان من اكبر مستشارى محمد على باشا، أما والدها دوس ميخائيل عبيد، كان من عين أعيان قنا من “عائلة عبيد” المعروفة، ورغم إن اسمه يوحي إنه مش مصري لكن هو كان مصري صعيدي حتى النخاع، واتولد من العائلة العريقة دي السيدة “سفينة” اللي اتولدت في القرن الثامن عشر، وكانت طوق نجاة بالنسبة لبنات كتير إنها تسلحهم بالعلم، واتم تقديرها والاعتزاز بيها لدرجة وجود شارع مهم باسمها في قنا رغم إن تسمية الشوارع بأسماء النساء مكنش متداول وقتها.
قبل ما تأسس “سفينة” مدرسة البنات في قنا، مكنش في مدارس عامة للبنات عشان يقدروا يتعلموا القراءة والكتابة بحسب “الجزيرة”، فقط كان في مدارس مسيحية، والتعليم كان مقتصر على أبناء الأغنياء وبناتهم يعرفوا بس القراءة والكتابة لتمييزهم عن الطبقة الأقل، لكن “سفينة” مقبلتش بالوضع دا، فكانت اسمها بالفعل على مسمى، وأبحرت بهم للنور والثقافة، ففي سنة 1904، قررت سفينة التبرع بـ50 فدان من ميراثها لبناء مدرسة لبنات قنا، كمان وصت بأرض مساحتها ٣٥ فدان من احسن جزء من اطيانها ليصرف ريعها على كنيستها الانجيلية بقنا، وكرّمتها المحافظة بإطلاق اسمها على أبرز شوارعها الموجود فيه قصر عائلتها.
توفت سفينة في عام 1922 بالإسكندرية، اللي وقتها كانت بتقضي أيام صيفها الأخيرة بها.