المرماح
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
1 ـ الخيول
تَجري ولا تَربَحُ أرْضَا
خيولٌ أصيلةٌ مَكسوةٌ بالغالي
تُربَّى مِن أجْلِ اللعِب.
وأخرى مُهانَةٌ تَجُرُّ الحناطيرَ
هي أيضا تَقفُ شامَخةً بعْدَ السباق
كما لو كانت محلولةً للتَّوِّ
مِن عربةٍ على معبَدِ الكرنك.
الكدماتُ على عجيزتِها العجفاء
تبدو متورِّدَةً
مثلَ ابتسامةٍ مكسوفةٍ لعذراء.
2 ـ المزمار البلدي
الفَمُ المنفوخُ قُبَّةٌ
والمِزْمَارُ مسلَّةٌ صغيرةٌ بثقوب
خيولٌ تتزاحَمُ في الحلْق
ومَخرجٌ واحدٌ لا يَكفي.
حُرٌ لا يَعزِفُ بيْنَ الجدران
ثقيلٌ على مَن أفنَوْا حياتَهم في الغُرَف
يَحتاجُ إلى آذانٍ كَبرَتْ في الحقول
ولعبتْ كثيرا مع البراح.
عنيفٌ كَضَوءِ الجنوب
ورقيقٌ حدَّ استخراجِ رقصةٍ
مِن روحِ الحصان.
سَحرَنا المِزمِارُ البَلَدي
فأمسَكْنَا أطرافَ جلابيبِنا
حَرَّكْنَا حوافِرَنا ورَقَصْنَا
دونَ أن تَسقطَ مِن شواربِنا
هَيْبَةُ الرجال.
3ـ الزانة
صياحٌ وغُبَار
الأرضُ طَبلَةٌ تَقرعُها الحوافر
حربٌ ، لكِنَّ اللحم الآدمي مصانٌ بقوةِ اللعِب.
لا سيف، لا حربة، لا معدن.
زانةٌ شبعانةٌ مِنَ الماءِ والشمس
طويلةٌ ولا تَعرفُ الأذى
طويلةٌ مِثلَ قلوبِ الزُّهَّاد.
يَدُ الفارسِ أرجوحةٌ
والزَّانَةُ في الأعالي مَرَّة
وأخرى تَحفرُ خَطَّا في التراب.
قال الراوي:
لم أشاهِدْ رَجُلا يَمشي وفي يدهِ زانة
الناسُ يُفضِّلونَ الشومةَ والنبوت،
يُفضِّلونَ الأقْصََرَ والأكثرَ غِلْظَة
يَمشونَ في الأرضِ وكأنَّ الوليَّ لم يَقْلْ لَهُم:
الحياةُ مِرمَاحٌ لا أكْثَر.
4ـ الفارس
يَحكي للحصانِ
عن التيجانِ التي يَضعُها الوليّ
على رؤوسِ الفرسان.
يَجرشُ الحُمّصَّ والفولَ السودانيَّ ويَضحكُ
بينما أطوفُ حوْلَ أسنانِه
كي أسْرقَ اللغةَ التي يُكلِّمُ البهيمَ بها
اللغةَ الحنونَ المملوءة بالشعيرِ والسُّكَّرِ والأسرار.
يَخرُجُ في زَفَّةٍ
و يعودُ في زفة
لا يَسفِكُ قطرةَ دَمٍ واحدةً
ولا يَعرفُ الهزيمة
يصولُ في المِرْمَاح
لا يَتقَّدُم شِبْرَا
ويَرجعُ ـ دائما ـ ممتلِئا بأرضٍ جديدة
قال الراوي:
الأرضُ التي وَعَدَ الرحمنُ بها
لكننا نموتُ دونَ أن نَضعَ أصابِعَنا عليها
وربطها بأرواحِنا في هيئةِ أملاكِ العالم.
هامش:
المرماح: سباقُ خيولٍ شعبي، يُجرَى بمصاحبة المِزمَار البلدي، بِقُرْبِ ضريحِ وليٍّ مشهور، ويتم بمعرفة المحتَفِلين بمولدِه، يبدأ بعد صلاة العصر، وينفضُّ بتكبيرات المغرب.
*فتحي عبد السميع، هو أحد أهم شعراء الجنوب، حاصل على جائزة الدولة للتفوق في الآداب عام 2023، من مواليد مركز دشنا قنا عام 1963م، رئيس تحرير سلسلة الإبداع الشعري التي تصدر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب، وأمين عام مؤتمر أدباء مصر «دورة المشهد الشعري» في الإسكندرية عام 2009م، وأمين عام مؤتمر إقليم وسط وجنوب الصعيد عام 2011م، وعضو اتحاد كتاب مصر، ومنسق مهرجان الجنوب للشعر العربي، وعضو مجلس إدارة مركز الثقافة اللامادية بجامعة جنوب الوادي.